هذه الزاوية تعني بعرض الحكم والأمثال والطرائف والنوادر ، لما لها من تأثير في النفوس وراحة للقلوب ، ونحن نسعى لانتقاء أطيب الكلمات والقصص التي تسلي القراء وتفيدهم وترسم البسمة على وجوههم وتسعدهم .
بين الحجاج وأعرابي صائم
خرج الحجاج ذات يوم قائظ فأحضر له الغذاء فقال: اطلبوا من يتغذى معنا ، فطلبوا ، فلم يجدوا إلا أعرابيًّا ، فأتوا به فدار بين الحجاج والأعرابي هذا الحوار:
الحجاج: هلم أيها الأعرابي لنتناول طعام الغذاء .
الأعرابي: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته .
الحجاج: من هو ؟
الأعرابي: الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصيام فأنا صائم .
الحجاج: تصومُ في مثل هذا اليوم على حره .
الأعرابي: صمت ليوم أشد منه حرًا .
الحجاج: أفطر اليوم وصم غدًا .
الأعرابي: أوَ يضمن الأمير أن أعيش إلى الغد .
الحجاج: ليس ذلك إليَّ ، فعلم ذلك عند الله .
الأعرابي: فكيف تسألني عاجلاً بآجل ليس إليه من سبيل .
الحجاج: إنه طعام طيب .
الأعرابي: والله ما طيبه خبازك وطباخك ولكن طيبته العافية .
الحجاج: بالله ما رأيت مثل هذا .. جزاك الله خيرًا أيها الأعرابي، وأمر له بجائزة.
الفالوذج واللوزينج
يروى أن هارون الرشيد وأم جعفر زبيدة اختلفا فيهما: أيهما أطيب؟ فاحتكما إلى القاضي أبي يوسف، فقال: يا أمير المؤمنين لا يحكم بين غائبين، إذا حضر الخصمان حكمت بينهما! فجيء إليه بطبق من كل منهما، فجعل يأكل من هذا لقمة ومن ذاك لقمة حتى أتى عليهما. فقال له الرشيد: احكم بينهما. فقال: والله يا أمير المؤمنين، كلما أردت أن أقضي لأحدهما جاء الآخر بحجته! فضحك هارون الرشيد وأمر له بألف دينار، وأمرت له زبيدة بألف دينار إلا واحدا تأدبا مع الخليفة!.الفالوذج :لفظ معرب وهو حلواء تعمل من الدقيق والماء والعسل . اللوزينج شبه القطائف يؤدم بدهن اللوز، فارسي معرب. ويعد الفالوذج واللوزينج أنفس الحلويات انذاك .
السقف
كان رجل في دار بأجرة و كان خشب السقف قديماً بالياً فكان يتفرقع كثيراً فلما جاء صاحب الدار يطالبه الأجرة
قال له : أصلح هذا السقف فإنه يتفرقع
قال لا تخاف و لا بأس عليك فإنه يسبح الله
فقال له : أخشى أن تدركه الخشية فيسجد
الإعرابي والأصمعي
قال الأصمعي لأعرابي : أتقول الشعر ؟ ..
قال الأعرابي : أنا ابن أمه وأبيه.
فغضب الأصمعي وأراد أن يختبر الإعرابي فلم يجد قافية أصعب من الواو الساكنة المفتوح ما قبلها مثل (لـَوْ) .
قال فقلت : أكمل ،
فقال : هات
فقال الأصمعي :
قــومٌ عهدناهــم ..... سقاهم الله من النو
الأعرابي :
النو تلألأ في دجا ليلةٍ .....حالكة مظلمةٍ لـو
فقال الأصمعي : لو ماذا ؟
فقال الأعرابي :
لو سار فيها فارس لانثنى..... على به الأرض منطو
قال الأصمعي : منطو ماذا ؟
الأعرابي :
منطوِ الكشح هضيم الحشا ..... كالباز ينقض من الجو
قال الأصمعي : الجو ماذا ؟
الأعرابي :
جو السما والريح تعلو به..... فاشتم ريح الأرض فاعلو
الأصمعي : اعلو ماذا ؟
الأعرابي :
فاعلوا لما عيل من صبره .....فصار نحو القوم ينعو
الأصمعي : ينعو ماذا ؟
الأعرابي :
ينعو رجالاً للقنا شرعت .....كفيت بما لاقوا ويلقوا
الأصمعي : يلقوا ماذا ؟
الأعرابي :
إن كنت لا تفهم ما قلته .....فأنت عندي رجل بو
الأصمعي : بو ماذا ؟
الأعرابي :
البو سلخ قد حشي جلده .....بأظلف قرنين تقم أو
الأصمعي : أوْ ماذا ؟
الأعرابي :
أو أضرب الرأس بصيوانةٍ ..... تقـول في ضربتها قـو
قال الأصمعي :
فخشيت أن أقول قو ماذا ، فيأخذ العصى ويضربني
أسماء الأقفال
التقى أعرابي بقوم فسألهم عن أسمائهم ، فقال الأول :
اسمي وثيق '
وقال الثاني : اسمي ' ثابت '
وقال الثالث : اسمي ' شديد '
وقال الرابع : اسمي ' منيع '
فقال الأعرابي :
ما أظن الأقفال صنعت إلا من أسمائكم
ارفق بنفسك
قال : ' الحجاج ' لأعرابي كان يأكل بسرعة على مائدته :
ارفق بنفسك
فقال له الأعرابي :
وأنت ... اخفض من بصرك
اللـص الفقيـه:
اللـص الفقيـه حدّث بعض جلساء عبد الملك بن عبد العزيز، قال:
خرجتُ إلى بستان لي بالغابة. فلما دخلتُ في الصحراء وبعدت عن البيوت، تعرّض لي رجل فقال:
اخلع ثيابك!
فقلت: وما يدعوني إلى خَلْع ثيابي؟
قال: أنا أَوْلى بها منك.
قلت: ومن أين؟
قال: لأني أخوك وأنا عُريان وأنت مكسوّ.
قلت: فأعطيك بعضها.
قال: كلاّ، قد لبستها كلها وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها.
قلت: فتعرّيني وتُبدي عورتي؟
قال: لا بأس بذلك، فقد رُوينا عن الإمام مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عُريانًا.
قلت: فيلقاني الناس فيرون عورتي؟
قال: لو كان الناسُ يَرونك في هذه الطريق ما عرضتُ لك فيها.
قلت: أراك ظريفًا، فدعني حتى أمضي إلى بستاني وأنزع هذه الثياب فأوجِّه بها إليك.
قال: كلا، أردتَ أن توجِّه إليّ أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزّق جلدي.
قلت: كلا. أحلف لك أيمانًا أني أَفِي لك بما وعدتُك ولا أسوءُك.
قال: كلا، فقد روينا عن الإمام مالك أنه قال: لا تلزمُ الأيمان التي يُحْلَفُ بها لِلّصوص.
قلت: فأحلف أني لا أختل في أَيماني هذه.
قال: هذه يمين مُرَكَّبة على أيمان اللصوص.
قلت: فدع المناظرة بيننا فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيّبة بها نفسي.
فأطرق ثم رفع رأسه وقال:
تدري فيم فكرتُ؟
قلت: لا.
قال: تصفّحتُ أمرَ اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصًا أخذ نسيئة. وأنا أكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون عليّ وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها بعدي إلى يوم القيامة. اخلع ثيابك!
فخلعتُها ودفعتُها إليه، فأخذها وانصرف.
الشعبي
جاء رجل إلى الشعبي – وكان ذو دعابة – وقال :
إني تزوجت امرأة ووجدتها عرجاء, فهل لي أن أردها ؟
فقال إن كنت تريد أن تسابق بها فردها !
وسأله رجل: إذا أردت أن أستحمّ في نهر فهل أجعل وجهي تجاه القبلة أم عكسها؟
قال: بل باتجاه ثيابك حتى لا تسرق !
ــ وسأله حاج: هل لي أن أحك جلدي وأنا محرم ؟
قال الشعبي: لا حرج.
فقال إلى متى أستطيع حك جلدي ؟
فقال الشعبي: حتى يبدو العظم .
سويبط والنعيمان
وقالت أم سلمة رضي الله عنها: خرج أبو بكر رضي الله عنه في تجارة إلى البصرة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
ومعه سويبط بن حرملة والنعيمان، وكان سويبط قد شهد بدرا والنعيمان رضي الله عنه مزّاحا
وكان سويبط على الزاد فقال له نعيمان أطعمني فقال حتى يجيء أبو بكر. فقال له النعيمان أما لأغيظنك
فمروا بقوم فقصدهم النعيمان فقال أتشترون مني عبدا. فقالوا نعم.. فقال لهم إن له كلام وإنه قائل لكم إنه حر
فإذا قال هذه المقالة كنتم تاركيه فلا تفسدوا علي عبدي، قالوا بل نشتريه فدفعوا له عشر قلائص
ثم اخذوه فوضعوا في عنقه حبلا وهموا بأخ\ه فقال لهم إني حر ولست بعبد إنما استهزأ هذا بكم
فأخذوه وقالوا لقد خبرنا خبرك.. وانطلقوا به.. فلما جاء ابو بكر رضي الله عنه فأخبروه الخبر
تبع القوم فرد عليهم القلائص وردوا عليه سويبطا،.. فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه بما كان
فضحك رسول الله ومعه أصحابه من حوله.
عجوز في الجنة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ويقابلهم
بالابتسامة وكان لايقول إلا حقاً وإن كان مازحاً.
وفي يوم من الأيام جاءت امرأة عجوز من الصحابيات إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: يارسول الله ادع الله
أن يدخلني الجنة، فداعبها صلى الله عليه وسلم قائلاً: إن الجنة
لاتدخلها عجوز، فانصرفت العجوز باكية، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم للحاضرين: أخبروها أنها لاتدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى
يقول { إنَّا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكاراً } أي أنها حين تدخل الجنة
سيعيد الله إليها شبابها وجمالها..» رواه الترمذي.
بعينه بياضاً
وقال زيد بن أسلم: إن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت إلي النبي -صلي الله عليه وسلم- فقالت: إن زوجي يدعوك، قال: "ومن هو ؟ أهو الذي بعينه بياض" ؟ قالت: والله ما بعينه بياض فقال: "بلي إن بعينه بياضا" فقالت: لا والله، فقال -صلي الله عليه وسلم-: "ما من أحد إلا بعينه بياض" (أخرجه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عبيدة بن سهم الفهري مع اختلاف، كما ذكر العراقي في تخريج الإحياء). وأراد به البياض المحيط بالحدقة.